بلدية الحاج المشري

تقع في الشمال الغربي من جبل عمور انبثقت عن التقسيم الإداري لسنة 1985م وهي من القرى الفلاحية الاشتراكية، عدد المساكن بها 200منزل، وهي تحمل اسم الولي الصالح الحاج المشري بن الحاج المختار بن حليمة بن منصور، وينتهي نسبة إلى الولي الصالح سيد الناصر. وابن حليمة هو مؤسس أول زاوية بوادي، القصب أما الحاج المشري فعاش في منتصف القرن (18عشر ميلادي وكان صاحب زاوية وصاحب ثروة حيوانية كثير التنقل ويذكر انه مات مقتولا خطأ ودفن في واد القصب رحمه الله وضريحه ظاهر بقبة في الجهة الشرقية للوادي .
بلغ تعداد سكان البلدية حسب إحصائيات 1986 (5697 نسمة) نسبة 70% من هذا العدد تقطن المنطقة الريفية، كل رب عائلة بني لنفسه منزل بأرضه الفلاحية، كثيرا من الخيم اختفت بسبب الاستقرار، حسب الإحصائيات ما بين سنة 1859م إلى سنة 1864م يقدر عدد الخيم عند أولاد سيد الناصر بـ 300خيمة أما تعداد سكان هذه البلدية لسنة 1954 فيقدر بـ 2562نسمة، عدد السكان يبدو ضئيلا إذا ما قورن بالتعداد الحالي وهذا مرجعه لعدة أسباب منها المجاعة والأمراض المعدية والحرب والهجرة السكانية باتجاه المدن الشمالية ومدينة آفلو نسجل هجرة سكان البلدية لمنطقة (مبيخيت) ببريدة و منطقة عين سيدي علي أثناء ثورة الشيخ بوعمامة سنة 1881م . حيث انضم معظم السكان لقافلته الزاحفة باتجاه التل .
من أهم الزوايا زاوية الحاج المشري أسسها المرحوم الحاج جلول بعين الدوبسة شرق عين اليكاي سنة 1955م ثم آلت إلى الشيخ الحاج سليمان تم إلى ابنه الحاج محمود ومن ذو فترة التأسيس حرصت الزاوية على تحفيظ الطلية القرآن الكريم ومنم أيمه أفاضل نفس العمل الفاضل اتسم به الحاج محمد صاحب كاف العزيب وعلى غرارهما الزاوية الناصرية .
وما دمنا في مجال الثقافة يمكن إيراد أسماء لبعض شعراء نبغوا بهذه البلدية منهم الشاعر المختار ابن الأحمر والشاعر عيسى ابن الشحمة والشاعر المشري بن المداني والشاعر الحاج سليمان ابن العسكري .
لسكان هم من سلالة الولي الصالح السلطان سيد الناصر بن الرحمان صاحب مازونة وأما سيد الناصر بن عبد الرحمان فيذكر صاحب السلسة الوفية والياقوتة الصافية المكي وأحمد بن محمد العشماوي (نشأ سيد الناصر بالمغرب الأقصى ما بين القرن 08 والقرن 09 هجري ويشهد لذلك ما هو موجود إلى الان في نسخة قديمة عثرنا عليها وآلت إلى أولاد سيدي أعمر بن حمو بالمراث القاطنين بناحية جبل كسال من عهد سيدي ناصر كتبها لتلميذه سيدي عمر بن حمو تنص على هيبة لعين مائية).
ونشأ سيد الناصر مثابرا على القرآن الكريم ثم تطرق إلى علوم الدين فارق الساقية الحمراء بعد أن ترأس على أهلي سلجماسة بالمغرب الأقصى أربعة سنين وفي سبيل العلم انتقل مع 06 من وزرائه الى ناحية المشرق فوصل قلعة مازونة التي كانت عاصمة زاخرة بالعلوم يومئذ فوجد أهلها في حيرة من أمير لهم توفي يدعى عامر ين عريف... وبعد هذا أجمعوا أن يولوه أميرا عليهم فطلبوا منه ذلك فأبى فعاودوه فأبى ثانيا وثالثا ثم أتوه بأبنائهم وعيالهم كافة فقال استخيروا الله في أمري وأمركم، فصلى صلاة الاستخارة ونام ليله فلما أصبح جاءه الأهلي فاستبشروا خيرا وعقدوا له البيعة فدخل أميرا وتزوج أمة الله فاطمة إبنت عبد الله أرملة عامر بن عريف خليفتهم السابق أنجبت منه محمد الذي كناه بأبي جناح .
واستغرقت مدة إمارته بمازونه ستة عشرة سنة (16 سنة) وخرج من تلك المملكة... وكان سيد الناصر يقضي فترة الشتاء بالمشتى بالسهوب وأحيانا أخرى بالمصيد بالصحراء إذ توجد عين تحمل اسمه بكاف الملح فعاش المرحلة الأخيرة من حياته بهذه المناطق معتزلا الظلم و أهله ناجيا بدينه ولقد امتدح الصحراء قائلا: "الصحراء عز العرب وهواها وسعد من أوقدت فيها ناره" ورغم هذا لم يتخلى عن تلقين علوم الدين ولعلى سيدي اعمر المقام ضريحه عند سفوح جبل كسال خير دليلا على قولنا، وبمنطقة وادي القصب الذي ينبع من جبال العمور تزوج سيد الناصر امة الله البرقة بت بوعلي المكنى بأبي طبل النحاس فأنجبت منه عبد الرحمان واهدي بوعلي واد القصب الذي كان تابعا لملكه لأبنته البرقة من أجل أن يستصلحه أبنائها للزراعة وتوفى سيد الناصر بهذه المنطقة وأقيم ضريحه على واد يحمل اسمه ينشأ من اشتراك وادي القصب وواد ماسين.
الموارد الاقتصادية
تربية الحيوانات هي المورد الرئيسي لسكان وهذا ما تفرضه المتطليات الطييعية للمنطقة حيث المساحات الواسعة لنبات الحلفاء وعائلاتها والنباتات الطوعية وبعض الشجيرات التي هي مرتع حسن للمواشي، هذه المساحات تكون أكتر فقرا في السنوات القليلة إلأمطار، حسب المعليات التاريخية والعادات فان السكان ببلدية الحاج المشري أكثر استقرار يمواشيهم من غيرهم ولا يغادرون بلدتهم إلى الصحراء شتاء مثل ما هو الحال لبقية السكان المجاورين لهم.
عدد رؤوس الأغنام بتراب البلدية لسنة 1954م يقدر بـ 15585 رأس وعدد رؤوس الماعز يقدر 3170 رأس وعدد رؤوس الجمال 38 جمل .
السكان كانوا بريعين في تربية الخيول التي غالبا ما كانت تستعمل للفروسية في موسم الأعياد واحتفالات الزواج ومن الاحتفالات المشهورة احتفال الطعم السنوي عند ضريح الولي الصالح سد الناصر في اللمسات الأخيرة للربيع أو بداية الخريف حسب ما تقتضيه الظروف. بلغ عدد الأحصنة لسنة 1954م بتراب البلدية بـ 146 حصان، أما عدد رؤوس الأغنام المصرح بها من قبل المربين لسنة 1988م فيقدر بـ 35ألف رأس هذا العدد قد يكون غير رسمي لان المربين كثيرا ما يصرحوا بأعداد غير حقيقية وهذا من أجل توفير العلف في الظروف القحطية التي سادت المنطقة مؤخرا ، لا أثر للجِمال بالمنطقة بسبب الاستقرار .
يسوق المربون أغنامهم بسوق عين سيدي علي أو بسوق مدينة أفلو و إذا توفرت الوسائل أبعد من ذلك نسجل ببلدية الحاج المشري سوق متواضع يقام كل أربعاء.
أهم الزراعات هي زراعة القمح والشعير
الآثار التاريخية للبلدية
منطقة جبل عمور لم يمسسها الغزو الرماني، لا أثر للرمان ما خلى عمود من الحجر الرملي عليه كتابة رومانية لبعثة استكشافية ويعود إلى سنة 176 من ميلاد المسيح هذا العمود طوله متران كان بناحية آقناب ونقل إبان الاستعمار إلى الحديقة العمومية بأفلو، نلاحظ عدة أسوار مهدمة بهذه المنطقة عدة خرب وأثار للبنايات والمواد المستعملة الحجارة والجير، هذه البنايات تكون بدون شك للقبائل البربرية خامة قبيلة مصطاوة البربرية التي يوجد اسم لمنطقة لهم بأقناب، نجد آثار البنايات على المرتفعات كما نلاحظ أثار قصر لبي راشد بمنطقة الحمراء شرق غرب منطقة ألمدروسة ومنطقة الكاف الأبيض ومنطقة تغيست، بعض الجرار اثر عليها السكان سالمة بعد الانجراف الريحي سعتها عشرة لتر، لا تخلو هذه القصور من أثر الفخار المختلف الألوان وأثر الرحي المستعملة من الشست الأخضر والحجر الكلسي ذي القواقع البحرية هذه المواد بدون شك تكون قد جاءت من المدن الشمالية مثل تلمسان وتهرت .
المقابر الموجودة بالخربة شرق زاوية سيد الناصر هي لغير المسلمين نظرا لوضعية القبر إذ من عادة الدفن عند المسلمين يدفن الميت على شقه الأيمن موليا وجهه باتجاه القبلة، هذه القبور المشاهدة تتجه غرب شرق مستعملة فيها الحجارة الكبيرة، هناك أثر للأفران قد تستعمل لشي الفخار المحلي، لكن غير بعيد من هذه القبور في وضعية دفن إسلامية فهل هي لبربر بعد اعتناقهم الإسلام، أم للعرب المسلمين الذين انتشروا بالمنطقة، أم تكون قبورا اباضية لان الدولة الرستومية بسطت نفوذها على المنطقة ما بين القرن 08 إلى 10 وكانت عاصمتها تهرت على اثر دولة كتامة البربرية .
ونلاحظ أيضا ضريح الولي الصالح سيد الناصر وقد دفن داخل الضريح مشائخ زاوية الناصرية وهم على التوالي:
1- الشيخ سعد بن المصطفى أول شيخ زاوية متوفي سنة 1892
2- الشيخ الطيب بن سعد المتوفي سنة 1919م
3- الشيخ الناصر بن سعد المتوفي سنة 1934م
4- الشيخ جلول بن الطيب بن سعد المتوفي سنة 1947م.
وعلى مقربة من الضريح مسكن هؤلاء الشيوخ تم بناؤه في بداية القرن الثامن عشر من طرف أحد المغاربة الذي يحمل الهندسة المعمارية الإسلامية، المنزل يوجد به دورا في الطابق العلوي أما المواد المستعملة فهي الحجارة والجير والقرميد هذا المنزل دخل المتاحف الأثرية لأنه أصبح مهجورا منذ السبعينات .
الإحداث الثورية بتراب البلدية
نوجز هنا بعض الأحداث والوقائع الثورية ولو أن الدوريات العسكرية التي شاهدها الناس إبان الاستعمار متعددة ويمكن سرد ما برز منها لان في الحقيقة الأحداث منذ مقاومة الأمير عبد القادر وهي موجودة .
نذكر مشاركة سكان البلدية الأوائل في قافلة الشيخ بوعمامة أثناء زحفه باتجاه التل، كانت المشاركة فعالة بالرجال والمال كما انضمت عدة قبائل إلى هذه القافلة خاصة أغواط كسال والأحرار عند ضريح سيد الناصر بتاريخ 03جوان 1881م وأفادنا بعض كبار الناس أن عدة أشخاص استشهدوا في صفوف المجاهدين مع الشيخ بوعمامة .
لقد اتصل الأمير خالد حفيد الأمير عبد القادر بشيخ الزاوية الناصرية سنة 1920م وهذا في إطار قيام حركة الأمير خالد ليجلب أمراء الزوايا لما كان للناس من التفاف حوله وقد كان رده إيجابيا، فبعث الأمير خالد بهدية إلى الحاج الطيب متمثلة في صينية من الفضة لازالت بحوزة أحفاده .
بعد اندلاع ثورة التحرير شهدت المنطقة عدة أحداث نذكر منها :
1- بناء مركز قيادة بالحاج المشري لحشد السكان
2- استشهاد خياله فارين جاءوا قاصدين الانضمام إلى صفوف جيش التحرير بمنطقة ضاية الدبداب بعد أن اقتفى العسكر آثارهم
مز المنطقة الشمالية وكان الوقت شتاءاً، بعد اشتباك طويل أصاب فيه الخيالة مجموعة من الجيش الفرنسي ولكنهم استشهدوا رحمهم الله .
3- استشهاد خمسة مجاهدين بوادي بوفراح
4- هجوم المجاهدين على مركز الحاج المشري وقتل عسكري
5- تدمير مستشفى أرضي لجرحى القعدة بناحية الكاف الأبيض من طرف المستعمر بعد ان دل عليه احد الخونة في أواخر ربيع 1958م.
6- انتفاضة يوم الاقتراع سنة 1961م بالحاج المشري وقعت مشادات بين الجيش والشعب قصد مقاطعة الانتخاب أصيب عدة أشخاص بجروح .
مقتطفات من سبل العبور بجبل العمور
لـ الأستاذ ناصر مجاهد